عندما تدق عقارب الساعة معلنة السادسة مساء اليوم الخميس، يكون الجميع داخل مصر المحروسة أمام شاشات التليفزيون وفى مدرجات ستاد القاهرة فى حالة من الترقب واللهفة، للاستمتاع بقمة الكرة المصرية المتمثلة فى مباراة الأهلى والزمالك الزعيمين الكبيرين للساحرة المستديرة ببلدنا الجميل، ويتمنى الجميع أن تخرج القمة الكروية بنفس جمال شعبها وطيبته بصرف النظر عن القلة المتعصبة والمتطرفة من جماهير الناديين التى تسىء بتصرفاتها الشاذة لكل ما هو ذات قيمة.. وتخرج عن الإطار الرياضى وهدفه الأساسى القائم على المنافسة الشريفة.
قمة اليوم والتى تحمل الرقم 106 يمكن أن نطلق عليها قمة التحدى وإثبات الذات وتحديد مصير المنافسة فى الدورى، فالزمالك بقيادة مديره الفنى حسام حسن يسعى للنجاح فى تحد جديد فى مشواره التدريبى، فبعد أن أظهر تحديا من نوع خاص عندما كان لاعبا واستمر فى الملاعب حتى سن الاربعين ونال لقب عميد لاعبى العالم، فهو اليوم يدخل فى تحد جديد مع مجموعة من اللاعبين الشباب مثل حسام عرفات وحازم إمام ومحمد إبراهيم يمثلون مستقبل الكرة المصرية، بالإضافة إلى الناضجين كرويا مثل شيكابالا ومحمود فتح الله وهانى سعيد وأحمد جعفر لإثبات جدارته كمدرب قدير صاحب فكر فنى وخططى داخل الملعب وليس مدربا يعتمد على الحماس والإصرار فقط.
يدخل الزمالك مباراة اليوم بروح معنوية مرتفعة نتاج تصدره لقمة الدورى العام برصيد 30 نقطة متقدما على أقرب منافسيه الإسماعيلى صاحب المركز الثانى بـ4 نقاط، ويزيد عن الأهلى منافسه فى مواجهة اليوم بـ 6 نقاط كاملة وهى المرة الأولى منذ سنوات طويلة التى يواجه فيها الزمالك الأهلى وهو متقدم عليه فى جدول الترتيب العام للدورى.
البراهين والمعطيات التى تسبق القمة، تسير فى اتجاه أن الفوز سيكون من نصيب الزمالك، إلا أن الثوابت الكروية فى العالم أجمع لا تعترف بأى معطيات أو ظروف، وإنما تعترف بالجهد والعرق داخل المستطيل الأخضر وهو الأمر الذى يدركه تماما حسام حسن بحكم خبرته الكبيرة، وحاول فى الأيام القليلة الماضية أن ينقل هذا الأمر للاعبيه الذين يتفهمون الموقف تماما ويتملكهم أيضا إصرار وتحد كبير على الفوز لكسر حاجز الهزائم التى تعرضوا لها على يد الأهلى فى السنوات الأخيرة.
الزمالك سيعتمد خلال المباراة على تشكيلته الثابتة منذ بداية الموسم والتى لا تتغير إلا بسبب الإصابات أو الإيقاف.. لذا فمن المؤكد أن مفاجأة الزمالك فى قمة اليوم لن تكون فى تشكيلته التى سيخوض بها المباراة، وإنما فى الخطة التى سينفذها اللاعبون داخل الملعب.. والاتجاه الأكبر أن يخوض الزمالك مباراة اليوم بطريقة 2\5\2\1 مع الاعتماد على المرونة التكتيكية للاعبيه فى التحرك على أرضية الملعب مع إمكانية تبادل المراكز فيما بينهم خلال سير المباراة وأيضا سوف يعتمد الزمالك فى مباراة اليوم على نجمه الأشهر محمود عبدالرازق شيكابالا هداف الدورى حتى الآن بـ9 أهداف، وصاحب المهارات الفذة والقادر على فك طلاسم أى دفاع بموهبته الثرية التى لو استخدمها لمصلحة فريقه لخرج الزمالك فائزا لا محالة، ويراهن حسام حسن كثيرا على حارسه الأمين عبد الواحد السيد الذى لو ظهر فى حالته الفنية المعهودة وساعده زملاؤه فى خط الدفاع ، فمن المؤكد أن تحتفظ الشباك البيضاء بعذريتها فى هذا اللقاء.
فى المقابل فإن الأهلى يدخل المباراة تحت شعار إثبات الذات وعودة الثقة، بعد الحملة الشرسة التى تعرض لها لاعبوه فى الأونة الأخيرة وتلميح البعض بأنهم "خلصوا كوره " بعدما أكل عليهم الزمن وشرب ووصلوا لنهاية العمر الكروى، ولذلك فإن محمد أبو تريكة ومحمد بركات ووائل جمعه وسيد معوض سيحاولون فى مباراة اليوم تأكيد عكس ما قيل عنهم، وهو الأمر الذى يضعهم تحت ضغط المسئولية الكبرى، فإذا نجحوا فى ذلك ستكتب لهم شهادة ميلاد جديدة، أما إذا حدث العكس فإن معنوياتهم ستزداد انهيارا أو ربما يضطرون للاستجابة لنداء العقل والجسد والابتعاد الإجبارى عن معشوقتهم كرة القدم.
الجماهير الحمراء تثق فى لاعبيها تمام الثقة، خاصة وأنهم طوال سنوات لم يخذلوهم وكانوا عند حسن الظن، ودائما ما تظهر معادنهم الحقيقية عند الشدائد، لذا فالفوز فى مباراة اليوم هدف مشروع للأهلى دون أدنى اعتبار لتفوق الزمالك الحالى.
وأيضاً يسعى زيزو المدير الفنى للفريق هو الآخر لكتابة شهادة ميلاد حقيقية فى تاريخه التدريبى، خاصة وأن الفوز اليوم قد يسير به عكس الأمواج السائدة بأن الخواجة جوزيه جاهز لقيادة الأهلى بعد القمة، ويبقيه على الشاطىء الأحمر فترة جديدة لعله يستطيع قيادة السفينة ويرسو بالأهلى على بر الأمان حتى ولو أصر مسئولو القلعة الحمراء على ضرورة التغيير تحت أى نتيجة فإن فوزه سيترك له بصمة كبيرة فى التاريخ وسيتذكر الجميع كيف استطاع السير فى عكس الاتجاه والفوز على الزمالك وهو فى أقوى حالاته.
بعيدا عن أجواء المباراة وسخونتها داخل المستطيل الأخضر، فإن الأجواء ستكون أكثر سخونة فى المدرجات بين جماهير الناديين، فلأول مرة منذ سنوات طويلة تشهد القمة مثل هذا التحفز بين الجماهير، فكثيرا ما كانت المنافسة فى أعوام ماضية أشد مما هى عليها حاليا، إلا أن الصراع الجماهيرى لم يصل لمثل ما هو عليه قبل مباراة اليوم من تحفز وتربص من الجانبين تجاه الآخر، لذا فالأمل كل الأمل أن تلتزم جماهير كل فريق بتشجيع فريقها فقط دون الإساءة للمنافس من أجل الحفاظ على البقية الباقية من سمعة الكرة المصرية.
كما ننتظر من طاقم التحكيم النمساوى بقيادة روبرت شورجنهوفر أن يكون على قدر المسئولية ويثبت صحة النظرية التى يتبناها البعض بأن مثل هذه المباريات بما تحفل به من سخونة لا تتحمل أن يديرها طاقم مصرى يعترض الفريقان على قراراته مهما كانت صحيحة ويلقى مسئولو ولاعبو كل فريق على عاتقه شماعة فشلهم.