كيف تمتلكين قلب زوجك؟؟
**مفاتيحك لقلب الزوج **
ابو الحسن بن محمد الفقيه
أختي المسلمة: إن الكلام عن الحقوق الزوجية بين الزوجين لا يعنيأداءها كما تؤدى الديون والمستحقات لأصحابها.. وإنما هي مرتكزات أساسية للعشرةبالمعروف.. تؤدى في جو ساكن يفعل في الحياة الزوجية كل مفردات الأخلاق الحميدةوالمودة والمعروف.
فهي كالأكلة الشهية حينما تقدم بالأسلوب الحسن.. في طبق مقبول!لذا فإن مفردات العشرة الزوجية الناجحة أوسع وأرحب من مجرد أداء حقوق واجبة!!
فكيف تمتلكين مفاتيح العشرة الزوجية.. وكيف تكتسبين مهارات امتلاك الزوج نفسه!
* الحب الصادق: يتفاءل الإنسان – أيإنسان – في حياته.. حينما يدرك أن لديه من يحبه! وهذا التفاؤل هو نبضة دفاقة تبعث الأمل في الحياة!
وحينما يشعر الزوج بحب زوجته له.. يشعر بالتفاؤل.. ويأمل في الحياة في أكنافها!
وإذا كان الإحسان إلى الناس مفتاحًا يستعبد قلوبهم!؛ فإن أعظمإحسان تقوم به الزوجة تجاه زوجها لتستعبد قلبه هو أن تحبه الحب الصادق!
والأصل في النكاح هو تحصيل المودة والسكينة كما قال تعالى:
{هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَازَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا}.
وكما قال صلىالله عليه وسلم: «مارؤي للمتحابين مثل النكاح»، فالمودة هي جوهر الحياةالزوجية ومفتاح كل زوجة لقلب زوجها.. ولذا فإن امتلاك الزوجة لهذا المفتاح يؤهلهالأن تحظى مكانة رفيعة عند زوجها.
ولا ينبغي للأخت المسلمة أن تزهد في تفعيل هذا الخلق الجميل في حياتها الزوجية.. بل من لوازم الحب الصادق والمودة أن تبدي أحاسيسها لزوجها في كل وقت.. سواء بالكلمة الطيبة المستعذبة.. أو بالفعال.. وجميل الأحوال.. وغيرها من المفردات التي تناسب ترجمة المودة الصادقة!
* التفاعل العاطفي: فالعاطفة تشكل جوهر الإنسان.. ومنها تنفجرانفعالاته.. وتصرفاته في الحياة الأسرية.. والزوجة الحكيمة.. هي التي تتقن تغذيةعواطف زوجها وأحاسيسه.. تمامًا كما تتقن تغذية جسمه بما يحتاجه من ألوان الطعام والشراب.
والعاطفة هي مساحة التعبير عن المودة الصادقة.. وهي ليست وجبةتقدم في مساحة محددة.. بل هي شعور ترسمه الزوجة في حسن استقبالها لزوجها.. وفي شكلها.. ونظرتها وتلميحها.. بل وصمتها أيضًا!
فهي سمت ساكن يلزم نعوت الزوجة في كل تصرفاتها.. ويفيض منه الي شكل عنصرا جذبا ورشاقة لعواطف الزوج كل حين وعلى كل حال!
* الاهتمام: فالزوج خارج بيته يعكس شكله وحالته النفسية مدى اهتمام أهله به داخل البيت وهذا أمر غالب! فإذا كانت أهله تهيئ له جوًا من الراحة النفسية والبدنية.. فإنه ولابد سيغادر بيته مفعمًا بالنشاطوالحيوية.. وتفيض الحياة على أسارير وجهه.. وجمال بسمته.
والاهتمام بالزوج يعني الاهتمام بمظهره.. ونظافته.. وملبسه..والزوجة في ذلك بمثابة مستشاره الخاص بزينته الخارجية.. فهي مرآته التي يظهر فيهاكاملاً بعكس مرآة دولابه التي لا يظهر فيها إلا وجهه وشيء من أطرافه!
وكم هو فياض ذلك الشعور الذي يغمر الزوج وهو يقف أمام زوجته مستسلمًا لذوقها في اختيار اللباس المناسب له.. بحرص شديد.. وإصرار عنيد.. وهويدرك أن زوجته أحرص على زينته وحسن مظهره من نفسه.. شعور يلمس ذكرياته ليولدإحساسًا يمزج بين حب الزوجة وحرارة الأمومة!
ويزداد ذلك الشعور عمقًا.. حينما يصادف إطراءً يثني على ذوقه في اللباس.. بين أصحابه.. وأحبابه.. وفي عمله..
أختي المسلمة: فشيء من هذا الاهتمام قد يفتح قلب الزوج على مصراعيه.. ويفتق منه المودة الكامنة في أعماقه.
والاهتمام بالزوج لا يقتصر على مظهره.. وإنما يتمثل في كل شيءيستحق الاهتمام، كالاهتمام بأكله نوعًا وكيفًا وزمانًا ومكانًا.. وكذلك الاهتمام بعطره وما يفضل منه.. والاهتمام بأذواقه في الأثاث وغرفة النوم.. والاهتمام بضيوفه.. وزواره.. بإكرامهم بما يرضيه ويشرف مكانته.. وتقديره.. والاهتمام بأقاربه وأرحامه وذويه.. بإكرامهم.. وتقديرهم.. والاهتمام بوقته وأشغاله.. بتذكيره بمواعيده وأوقات واجباته.. والاهتمام براحته.. وأوقات نومه.. وزياراته..
* المشاركة الوجدانية: فهي من أعظم الوسائل التي يكتسب بها الزوج، وأهم مفرداتها هي القناعة والرضا، ومشاركة الزوج أفراحه وأتراحه.
وهذا الخلق أوجب ما يكون على الزوجة إذا عصفت المحن بزوجهاوتوالى عليه البلاء.. فإنه ساعتها أحوج ما يكون إلى النصير.. وأحوج ما يكون إلى من يواسيه.. وينسيه الهموم وهنا تظهر معادن النساء!
وكانت أم المؤمنين خديجة رضي الله عنها وأرضاها قدوة ناصعة في المواساة والمشاركة في الحياة الزوجية بسرائها وضرائها مع النبي صلى الله عليه وسلم.. فقد كانت له سندًا تخدمه بنفسها وتشاركه همومه بمالها.. ويوم أن لقيه جبريل.. فأصابه الوجل وجاءها يرتعش من هول ما رأى.. هدأت روعه.. وهي
تقول:كلا والله لن يخزيك الله أبدًا فإنك تصل الرحم وتعطي المعدوم وتعين على نوائب الحق!»،
وفي ذلك عبرة لكل زوجةمؤمنة تحرص على زوجها! وذلك ليس بالقناعة والرضا بعيشه فقط بل بمواساة الزوج بالمال وما تملك! وبالوجدان والعاطفة والنصيحة والتوجيه!
وفي كلام خديجة ومواساتها للنبي صلى الله عليه وسلم درس لابدلكل زوجة صالحة من استخراج فوائده وإعمالها في الحياة الزوجية ألا وهي تشجيع الزوج إذا غلبه هم أو غم.. وشحن طاقة صبره.. وإشعاره بقيمة نفسه.. وسالف نجاحاته..وأعماله الخيرة..
وفرق شاسع بين زوج ضاع ماله كله.. فوجد زوجته تواسيه.. ولا تعيراهتمامًا للخسارة.. بقدر ما يهمها عودة البهجة لزوجها.. فهي تنتقي له من عبرالحياة ما يهدئ حسه.. وتبعث فيه الأمل بحبها ودفئها وحاجتها إليه.. لا إلى ماله!وبين زوج ضاع ماله كله.. فوجد زوجته كالبركان.. فقدت صوابها من شدة الغضب.. وهي تدعو على نفسها بالويل.. وعلى بيتها بالخراب.. وعلى زوجها بصب العذاب!
يا رب شاكرة للزوج في اليسر
وفي البلاء تسلي الزوج بالصبر
تبش وجنتها في كل آونة
إذا رأته تنير البيت بالبشر
فزوجها ملك والشعب زوجته
والبيت مملكة الأفراح والخير
* غض البصر عن الهفوات: فالأخت المسلمةتدرك أن زوجها ليس ملكًا، ولن يكون كذلك على كل حال! وهذا يستلزم منها توطين نفسهاعلى تحمل هفواته.. وأخطائه وغض الطرف عنها! والخطأ من طبيعة البشر جميعًا.
والحكمة ليست في متابعة الزوج على أخطائه.. وإنما في أمرين:
الأول: نصحه بالحسنى إذا ظهرت منه الأخطاء واضحة في الحياةالزوجية.
الثاني: عدم معاتبته ومحاسبته إذا تكرر منه الأخطاء التي يغلبطبعه فيها.. فهذا مما لابد منه في الحياة الزوجية.
يقول الشيخ عبد الرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله: «وفي قول النبي صلى الله عليه وسلم: «لا يفرك مؤمن مؤمنة: إن كره منها حلقًا رضي منها خلقًا آخر»[رواه مسلم] فائدتان عظيمتان:
إحداهما: الإرشاد إلى معاملةالزوجة، والقريب، والصاحب، والمعامل وكل من بينك وبين علاقة واتصال، وأنه ينبغي أن توطن نفسك على أنه لابد أن يكون فيه عيب أو نقص أو أمر تكرهه، فإذا وجدت ذلك،فقارنت بين هذا وبين ما يجب عليك أو ينبغي لك من قوة الاتصال والإبقاء على المحبة،بذكر ما فيه من المحاسن والمقاصد الخاصة والعامة، وبهذا الإغضاء عن المساوئ وملاحظة المحاسن تدوم الصحبة والاتصال وتتم الراحة.
الفائدة الثانية: وهي زوال الهم والقلق،وبقاء الصفاء والمداومة على القيام بالحقوق الواجبة والمستحبة، وحصول الراحة بين الطرفين.
ومن لم يسترشد بهذا الذي ذكره النبي صلى الله عليه وسلمبل عكس القضية فلاحظ المساوئ، وعمي عن المحاسن، فلابد أن يقلق، ولابد أن يتكدر مابينه وبين من يتصل به من المحبة، ويتقطع كثير من الحقوق التي على كل منهما».
[الوسائل المفيدة للحياة السعيدة ص22-23]
وهذا الكلام يستوي فيه الزوج والزوجة، ولذا فإنك – أختي المسلمة– معنية بالحديث – ومعنية بغض النظر عن هفوات زوجك.. واجتناب محاسبته على كل صغيرةمهما دقت!
إن تجد عيبًا فسد الخللا
فجل من لا عيب فيهوعلا
ومن المعلوم أن غض الزوجة عن أخطاء زوجها.. يوجب في قلب الزوجمحبة لها واطمئنان لعشرتها.. ويجعله هو نفسه يعامل بالخلق نفسه.. ويجتنب التدقيق في محاسبتها.. وأخطائها!
إن كنت في كل الأمور معاتبًا
حبيبك لم تلق الذي لا تعاتبه
* التزين: ومن آكد مفاتيح قلب الزوج اعتناء الزوجة بمظهرهاومنظرها أمامه.. فزينتها وسيلة لإرضائه.. وإبهاجه وسروره.. وقد أشار النبي صلى الله عليه وسلم إلى ذلك بقوله حين سئل أي النساء خير: قال:
«التي تسره إذانظر، وتطيعه إذا أمر، ولا تخالفه في نفسها ولا مالها بما يكره».
[رواه الحاكم وحسنه الألباني في السلسلة الصحيحة برقم: 1838]
فقوله صلى الله عليه وسلم: «تسره إذا نظر» فيه دليل على أن اعتناءالمرأة بمظهرها وجمالها وزينتها في البيت من دواعي قبولها عند الزوج.. ومن معايرخيريتها وفضلها في العشرة الزوجية.
وليس أمر الزينة والاعتناء بها مقتصرًا على الفراش.. وإنما هوخلق ينبغي للزوجة أن تحرص عليه في بيتها في كل وقت.. وأن تكون بأنوثتها وعواطفهاومظهرها مصدر بهجة تضفي على الزوج شعورًا بالرضا والارتياح.
ومن مفردات الزينة في هذا الباب:
- أن تتزين المرأة لزوجها وفق ما يرغبه من اللباس ما دام لايخالف الشرع.. بل يجدر بالزوجة الحكيمة مراعاة ألوانه المفضلة وعطوره ونحو ذلك.
- أن تحافظ المرأة على نظافتها في كل وقت.
- أن تجتنب وسائل الزينة المباحة التي يكرهها الزوج سواء في اللباس أو غيره.
* الحنان: هناك أعمال يسيرة في الحياة الزوجية قد توظفها المرأةبشيء من الاهتمام لتضع منها مفتاحًا تمتلك به قلب زوجها.
منها على سبيل المثال: إيقاظ الزوج من نومه.. فأسلوب الإيقاظ يؤثر كثيرًا في انطباع الزوج.. وربما استطاعت الزوجة بلمسة حانية على هذاالأسلوب.. أن تشرح صدر زوجها لاستقبال يوم متفائل زاخر بالمسرات.
فأسلوب الإيقاظ.. ونبرته.. وعبارته.. وكيفيته تؤثر أثرًا بليغًاعلى الزوج.. حين يستيقظ على فيض من الحنان الأسري.. وتلمس روحه في أول رجوعها..لمسات حانية.. تشعرها بأهميتها وقيمتها..
والأمثلة في الحياة الزوجية كثيرة.. ومنها حالة مرض الزوج.. أوعجزه.. أو نحو ذلك.
فالشاهد أن الزوجة التي تود كسب زوجها.. لابد أن تمزج بين حبهواحترامه والحنان عليه.. وتقديره.. ومهابته..
* اجتناب ما يكرهه الزوج:ومن أهم ما تكتسب به الأخت المسلمة قلب زوجها أيضًا الحرص على اجتناب كل ما يكرهه من المباحات وذلك يشمل ما تمجه طباعه من العادات والألفاظ والتصرفات بل والمناظرأيضًا.
فإن حرص الزوجة على هذه الحيثية يعلي قدرها في نظر زوجها لعلمه بجهدها الدؤوب في تهيئة الجو لراحته وهنائه وراحة باله.
أزواج تحتار فيهم النساء
أحيانًا.. تفشل الزوجة – مهما بذلت من جهد في التقرب من زوجها..والتودد إليه.. ويصيبها الإحباط التام من تصرفاته التي تنبي عن كراهيته لزوجته دونسبب واضح.. ومهما اجتهدت الزوجة في خدمة زوجها.. والصبر عليه.. بل والتفاني في إظهار حبه.. وتقديره.. واحترامه.. لا تجد منه تفاعلاً أو مبادلة في الأحاسيس بل قدتجد ما يشككها في تصرفاتها.. ويفقدها الثقة بأسلوبها في العشرة الزوجية.
فتصيبها الحيرى.. والكآبة!
والزوج الذي هذا طبعه.. أحد اثنين:
الأول: رجل سيئ الخلق لا يعاشر أهله بالمعروف كما أوجب الله جل وعلا عليه في قوله:
{وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا}
وهذا الصنف من الأزواج يكون ظالمًا لأهله،لأنه لا يراعي حقوقها التي توجب لها السكينة والطمأنينة.. وتشعرها بالأمان في حياتها الزوجية..
فتجده يعاملها بجفاء جامد.. وغلظة قاسية.. ولا يعيرها اهتمامًافي بيته.. وربما همش دورها بين أبنائه.. وأسرته!
ولذا فهي مهما بذلت معه من إحسان وتغاضٍ عن تلك القسوة.. لا تجدمنه إلا ما يسوؤها.. لا لكونها مفرطة في حق العشرة.. وإنما لأنها أمام زوج يعاني من حالة مرضية في خلقه وشيمه.. ولو كان فيه من الخير ما يميز أخلاقه.. لظهر عليه أثره في بيته.. كما أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ قال:
«خَيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي» [رواهالترمذي].
وإليك أختي المسلمة.. بعض النصائح التي تعينك على معالجة هذه الظاهرة:
1- عليك بالصبر ما استطعت إلى ذلك سبيلاً لا سيما إذا لم يكن يلحقك من هذا الزوج ضرر بالغ في دينك أو ذاتك! والصبر يكون بتحمل الأذى المتوقع من الزوج.. ونسيان تجافيه.. وعدم مقابلة إساءته بمثلها.. فإن الله جل وعلا وعدالصابرين بحسن العاقبة في الدنيا والآخرة..
قال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ}، ومعيته سبحانه معية علم واطلاع ونصر وتأييد.
2- عليك ببذل النصح بالتي هي أحسن مع التركيز على انتهازالأوقات المناسبة لذلك.. وانتقاء أعذب العبارات الدالة على حب الخير للزوج..والحرص عليه.. والسعي لإسعاده!
3- الإلحاح على الله بالدعاء فإنه باب استمطار رحمة الله.. وهوسبحانه من يؤلف بين القلوب ويجمعها.
قال تعالى: {وَاذْكُرُوانِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا}.
فالقلوب بين أصبعيه سبحانه يقلبها كيف يشاء، ويؤلف بينها كمايشاء.
وفي الحديث عن أبي سعيد رضى عنهم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ما من مسلم يدعو الله بدعوة ليس فيها إثم ولا قطيعة رحم إلا أعطاه الله بها إحدى ثلاث: إما أن تعجل له دعوته، وإما أن يدخرها له في الآخرة، وإما أن يصرف عنه من السوء مثلها» قالوا: إذا نكثر! قال: «الله أكثر».
الثاني: رجل يعاشر زوجته بالمعروف.. لكن طرأ عليه تغيير لأسباب غامضة.. فلم يعد يهتم ببيته.. ولم يعد يعاشر أهله بالمعروف.. وهذا:
إما أنه أساء خلقه مع أهله لغلبة طبع أو هوى أو غفلة.. فإن الله جل وعلا لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم.. أو أنه وقع تأثير مجهول في طبيعته ومزاجه: وهذا يكون سببه شيئان:
الأول: العين والحسد. الثاني: السحر.
فالعين لها تأثير بإذن الله وحدهفي حياة الإنسان وطبعه وقوته وصحته، وهي حق لا مرية فيه كما أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فعن ابن عباس رضى عنه الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
«العين حق، ولو كان شيء سابق القدر لسبقته العين» [رواه مسلم].
يقول ابن القيم رحمه الله: «وهي سهام تخرج من نفس الحاسد، والعائن نحو المحسود والمعين، تصيبه تارة، وتخطئه تارة، فإن صادفته مكشوفًا لا وقاية له،أثرت فيه، وإن صادفته حذرًا شاكي السلاح، لم تؤثر فيه وربما دارت السهام على صاحبها وهذا بمثابة الرمي الحسي سواء!
وقد يعين الرجل نفسه، وقد يعين بغيرإرادته بل بطبعه وهذا أردأ ما يكون» [مختصر زاد المعادص215].
والمقصود أن العين قد تكون سببًا في تغيرطباع الزوج من الحصر على البيت والأهل إلى الشرود وفساد المزاج.
أما السحر: فهو سلاح الحسدة في التفريق بين الأسرة، وصرف الزوج عنأهله، وهذا مما لا شك فيه، ولا يعلم فيه خلاف بين أهل العلم قديمًا وحديثًا.
وقد أخبر الله جل وعلا عن ذلك فقال: {وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَاتَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِوَزَوْجِهِ وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الْآَخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ * وَلَوْ أَنَّهُمْ آَمَنُوا وَاتَّقَوْالَمَثُوبَةٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ خَيْرٌ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ} [البقرة: 102].
فالسحر وسيلة شيطانية لصرف الرجل عن زوجته أو لصرفها عنه.. ولا تزال وقائع الأيام تدون من قصصه الكثير!
وللسحر في هذا الموضوع علامات أهمها:
- أن يطرأ تغير مفاجئ على الزوج تجاهزوجته في بغضها ويكرهها دونما سبب.
- أن يشعر الزوج برغبة صادقة في عشرةأهله بالمعروف عند غيابه عنها.. لكن سرعان ما ينقلب شرسًا وغضوبًا إذا رآها أو قابلها.
- أن يضيق البيت بالزوج ويظهر مظلمًافي نظره.
- أن يشعر الزوج بشيء ما يحول إرادته..ويظهر عليه ذلك في تناقضات رأيه في حبه لأهله حينًا وبغضه حينًا.
- أن تظهر علامات ذلك في الفراش.
- أن تظهر علامات واضحة تدل على تغيرالزوج في عبادته.. وخلقه.
- أن يقلق الزوج من سماع القرآن بعدماكان يطمئن سماعه في البيت وخارجه.
وهذه العلامات قد تشمل العين والحسدأيضًا.
وهي ليس علامات للسحر والعين على سبيلالجزم.. لأن هذه الأمراض من الأمراض الغامضة الغيبية، وهي تلتقي مع علامات أمراضالقلوب والأخلاق.
لذلك لا ينبغي تصور وجودها بمجرد عجزالزوجة عن اكتساب زوجها.. وإنما ينظر إلى الأمر باعتبار تغير الحال.. ويستأنس إن اقتضى الأمر بالرقية الشرعية إذا تحقق اشتباه الأمر.. واستفحل الضرر! بعد استشارةأهل الشأن من العلماء والرقاة الصلحاء.
** سعادة الزوج في صلاح الزوجة **
إن أداء الزوجة لحقوق زوجها، ومراعاتهالآداب العشرة الزوجية ليس وحده ما يبعث السعادة في أرجاء بيتها ومفردات حياتهاالأسرية. فصلاحها وسلامتها في دينها وخلقها عامة عامل مهم لامتلاك مفاتيح الحب فيقلب زوجها! وذلك لسببين:
الأول: هو أن الزوجة الصالحة تنظر إلى عشرة الزوج بالمعروف على أنها عبادة تطمح من ورائها إلى الثواب الجزيل من الله سبحانه، وليس فقط امتلاك قلب الزوج، وبالتالي تكون مخلصة في حفظها لزوجها غيبًا وحضورًا، وصادقة في أحاسيسهاتجاهه، وفي كلامها، وحرصها، ونصحها، وخدمتها لبيتها.
فصلاحها هو ما يجعل أداءها لحقوق زوجهاالواجبة والمستحبة أداءً مفعمًا بالمودة والإخلاص؛ لأنها تدرك ثواب الزوجة المطيعةالحافظة لزوجها وتمتثل بصلاحها لقول الرسول صلى الله عليه وسلم: «إذا صلت المرأة خمسها وصامت شهرها، وحصنتفرجها، ,أطاعت زوجها، قيل لها: ادخلي الجنة من أي أبواب الجنة شئت».
[رواه أحمد]
فهي تدرك أن الصلاح يشمل الصلاةوالصيام وتحصين الفرج.. طاعة الزوج!
وتدرك أيضًا أن اجتماع هذه الخصال يوجبلها الجنة تدخل من أي أبوابها شاءت.
وهذا ما يدفعها إلى تفانيها في خدمةزوجها.. تمامًا ما يدفعها إلى أداء الصلوات في وقتها.. وإلى صيام رمضان.. وإلى تحصين عرضها!
وزوجها حينما يدرك من زوجته تعبدها..بطاعته وخدمته ومودته.. يزداد حبًا لها.. ويرتبط بها أكثر.. لأنه أدرك أن احترامهاله.. ليس فقط مبنيًا على غريزة فطرية.. ربما تتلاشى مع الزمن.. أو تتحول في حالةالضعف والمحن.. بل مبنيًا على أساس صلب.. ومبدأ رصين.. لا تزحزحه الظروف كيفما كان أمرها.. وهو تقوى الله جل وعلا.
وأقل ما يوجبه صلاح المرأة في نفسها..أن تكون مؤدية لحقوقه الواجبة.. وأن تتجنب ظلمه وإيذاءه!
فالمرأة مهما بلغ ضعفها أمام زوجها..قد تستطيع إيذاءه في الغالب – لو أصرت على ذلك.. فكيد النساء سر كمين في طبيعته فلا يعلمه إلا الله.. ولطالما احتار الرجال في ذلك السر على مر التاريخ..
وفي قول الله تعالى: {إِنَّهُ مِنْ كَيْدِكُنَّ إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ} ما يشير إلى عظم الكيد في غالب النساء!